سعيد صديق
بني ملال – نظمت حركة الطفولة الشعبية فرع بني ملال، مساء السبت، بدار الثقافة ببني ملال، حفل توقيع رواية ” سيرة العبور الأخير ” للروائي محمد رفيق، بحضور كل من الروائي عبد الكريم الجويطي، والناقد محمد أبو العلا، والشاعر صالح البريني، وجمع من الشعراء والنقاد والكتاب والمهتمين.
وقال الشاعر صالح البريني، أن رواية “سيرة العبور الأخير”، أشبه بحكائية دَغَلية متشابكة الخيوط والمسارب والمسالك، نظراً لتشعّب متاهات الحكي وما تطرحه من عوالم سردية متخيّلة، ومن استلهام للواقع بأنساقه التاريخية والحضارية، الاجتماعية، المعرفية والأنثربولوجية، التي تحتاج الحفر والتشريح والتّأويل للكشف عن الغنى التيماتي/ الموضوعاتي وعن تجدّد أشكالها الفنية.
وأوضح، أن الولوج إلى غابة النص يثير الرّهبة والدهشة لما تحبلُ به من مناطق معتمة وملتبسة تُوقِعُ القارئ في مكائدها وفخاخها السردية، وما تمتاز به من حيلٍ لغوية موغلة في الانزياحات في بنية لولبية المنحى السردي، تحمل أسرارها وسرائرها الجمالية والفنية، مادام الروائي محمد رفيق حارساً لغابته السردية وأمينا على رعاية كائناته الروائية بإيمان الزاهد في السرد والمقتّر في النّشر والراعي لكتابة إبداعية تستطيب الظلال بعيداً عن زيف الأضواء.
وأبرز الشاعر³، أن الرواية تقوم على العديد من التقنيات السردية والجمالية والتقنية من الأحداث والزمان والمكان والشخصيات، هذه المقومات الأساس تؤدي وظائف بنائية تكشف عن الخصائص الفنية والأبعاد الدلالية، كما تشكّل عصب الخطاب الروائي باعتبارها المنتجة له والفاعلة فيه، تماشياً مع الانهيار الكلّيّ لمنظومة القيم الموروثة من عصر الحداثة وتنامي قيم مغايرة أسهمت في تشذير الكينونة وتمزيق الهوية وتحويل الواقع إلى تخييلٍ مما شوَّشَ وأثَّر على منجز الشخصيات السردي “ لاسيما أن العالم يعيش لحظة تاريخية كونية لم يعشها طوال تاريخه الممتد إلى آلاف السنين من تقارب واتصال واشتراك في المصير الكوني الذي عبرت عنه العولمة أحسن تعبيرٍ في هذا الشّقّ المشترك على الأقل، الأمر الذي جعل الكاتب العربي يستشعر الهزّات الكونية نفسها التي يستشعرها الكاتب الغربي، ويستشعر الرغبة نفسها في البحث عن أدواتٍ تعبيريةٍ تناسب التغيّرات التي أصابت العالم والإنسان والحياة.
واعتبر البريني، أن الرواية نموذجا مثاليا للتجربة المواكبة، هذه التجربة التي تنصت للتغيرات القائمة اجتماعيا وسياسيّا وثقافيا فتجسدها بأسلوب سردي يراهن على البعدين الجماليّ والفنيّ. وذلك لترسيخ كتابة روائية تواكب هذه التبدّلات التي يشهدها المجتمع العربي. من خلال حول سيرة قيامة عظمى ناجمة عن الحرب العالمية، التي جعلت الإنسانية تعيش حياة الرعبٍ والهوْلٍ والفراغٍ والدمار الكارثي، وتشعر بالفناء الوجودي حيث المدنية الحداثية تتداعى إلى هاوية الخراب والدمار، ليسود الانهيار الحضاري وتعمّ الفوضى مجالات الحياة، عبر رحلة مواجهات أليمة وتخطّ مساراً سرديّاً مليئاً بالمعاناة والعذابات والندوب الغائرة؛ من أجل إنقاذ العالَم من الفناء الوجودي، لتنتهي الرحلة بانتصار الحب على الحرب وبداية حياة جديدة. فكانت الرواية فضاء للصراع بين الحب والحرب، بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الحياة والموت..
جدير بالذكر أن للكاتب محمد رفيق العديد من الإصدارات من بينها ديوان في الشعر بعنوان “ذهبت ريحك” صدر سنة 2003، ورواية “علبة الأقنعة” صدرت سنة 2017.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع