تطوي منطقة مولاي بوعزة مرحلة من المراحل التي عرفتها في الماضي البعيد حيث كانت محجا وقبلة للعديد من الزوار من كل أنحاء المغرب ، حيث تنتعش كل القطاعات المحلية بسبب الموسم الديني للولي الصالح مولاي بوعزة ، وفي القريب الحاضر حيث تجلى فيها الإحباط والتراجع والإهمال، من طرف المسؤولين والمنتخبين الذين تعاقبوا على تسيير هذه المنطقة ، حيث أنها حاضرة من الحواضر المغربية لها امتداداتـها وتاريخها وأصالتها المتجدرة في أعماق الوطن ، حيث كانت الموضوعية رائد إعادة النظر والمراجعة ، فأسفرت النتيجة التي تؤكد أهمية تلك المراجعة إلى صورة القرية الحديثة والمتأصلة ، إنجازاتـها التاريخية تمثل في ضمير الناشئة على نحو يختلف من قليل أو كثير عن ما كان عليه التعريف بـها ، لا لأن الزمن قد تغير فتغيرت معه المفاهيم بل لأن العواطف الخاصة تعرض نفسها على المعاصرة وأحكامها إيجابا وسلبا ، قد أخذ تأثيرها على النظر والحكم يتقلص إن لم يكن قد تلاشي، لأن التاريخ يصحح نفسه على الدوام، ومن الغفلة أن نظن أن أحكامنا التي نصدرها اليوم ليست محسوبة علينا ، فسيأتي في الغد القريب أو البعيد آخرون يناقشوننا الحساب ، كما نناقش نحن أسلافنا اليوم ، فمن شاء أن يحفظ نفسه كبيرا في ذمة التاريخ أو في أعين الأجيال المقبلة عليه أن يتدبر المرحلة .
إن أخطر آفات المعاصرة أن يصدر المرء في أحكامه عن عواطفه الشخصية ، لعمل على حساب غيره، أو يهون من شأن عمل لكي يبرز ما هو دونه ، والأخطر من هذا أن ينصب المرء نفسه حكما فيما لا يقع في دائرة اهتمامه ومعارفه ، وفيما يتجاوز حدود إدراكه وفهمه ، فمن الناس من يـخيل إليه انه صار قادرا على أن يفتي في كل شيء وأنه ما من سؤال يطرح إلا ولديه عنه جواب ، الشيء الذي أدى بالمنطقة أن تفقد بعض من مآثرها التاريخية ، ولازالت هذه النزعة تنخر جسم القرية إذا كانت في الدين تحذف تحت ذريعة البدعة دون مراعاة مشاعر السكان أو مناقشتها معهم بالحجة الدامغة .
جوانب يجب التصدي إليها والعمل على الحفاظ عن المقومات الثقافية والروحية والحضارية للقرية و قد صنفت من طرف منظمة اليونسكو تراثا عالمي للإنسانية .
قرية مولاي بوعزة تبرز الوجه الحقيقي لها في التعايش والتسامح والتمازج في التقاليد والعادات والأعراف بين العرب والأمازيع ، والآن ولكي يحيى الأمل في قلوب الساكنة حتى تمد آمالها المقعدة بأجنحة من نور وتتخلص من الهوان الذي أصابـها، ففي كل زمان ومكان مغاور سحيقة تتزاوج في ظلمتها النفوس المريضة التي تحبط كل عمل تراه ناجحا لأنـهـا عاجزة عن القيام بمثله ، لكن للعزيمة أجواء فسيحة يراودها الفكر الخلاق والحس المبدع يتوق شوقا إلى الانعتاق، العبقري من استطاع أن يسبر أغوار المشاكل ثم يعود بالصورة الأمثل هدفه الأسمى هو النماء والرفعة والتقدم الذي لا تأخذه سنة الهوان والهاوية ، دون أن تعترض سبيله قساوة الاكراهات الموروثة عن عهود خلت فالغد سوف لن يترك سرا مكتوما إلى الأبد .
بقلم الشريف مولاي محمد الخطابي .