سلا – ظلت مدينة سلا وفية لعاداتها وطقوس احتفالاتها بذكرى عيد المولد النبوي بتنظيم يوم أمس الأحد “موسم الشموع” أو ما يسميه أهل المدينة “دور الشمع”.
ويعد “دور الشمع” كرنفالا احتفاليا بذكرى المولد النبوي بشموع متنوعة الألوان والأحجام، يصل وزنها إلى 50 كيلوغرام، وتصنع وتسبك على هياكل من خشب فتأخذ أشكال قبب أو صوامع مستوحاة من العمارة الإسلامية.
وتزخرف الهياكل بالشموع وتحمل بعد صلاة عصر يوم 11 ربيع الأول (الأحد 15 شتنبر 2024)، انطلاقا من السوق الكبير قرب دار صانع الشموع تحت إيقاعات فرق موسيقية فلكلورية وقرع للطبول مرورا بأهم شوارع مدينة سلا إلى غاية ساحة الشهداء ثم بعدها إلى دار الشرفاء، وتستمر الاحتفالات على هذا النحو أسبوعا كاملا.
ويعود أصل هذه الاحتفالات إلى الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي، الذي أعجب باستعراض للشموع شاهده في إسطنبول قبل توليه الحكم، فقطع عهدا على نفسه لإن تولى حكم المغرب ليصنع مثل ذلك الاستعراض أو أعظم، فما كان منه إلاّ أن صدق وعده بعد تربعه على العرش فكان أول استعراض للشموع سنة 986 هـ بمدينة سلا، ليظل هذا التقليد سمة من سمات المدينة، وفق تقرير مفصل بالموقع الرسمي لجماعة سلا.
ودأبت مدينة سلا، وفق التقرير ذاته، على الاحتفاء بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بتنظيم تقليد “الشموع” التي تعلق بضريح الولي الصالح بن حسون عشية ذكرى المولد النبوي، ويحتفظ بها لمدة 11 شهرا، حيث تنقل من هذا الضريح شهرا قبل حلول الذكرى إلى مقر صانع شموع الأضرحة من عائلة بلكبير قصد تطريزها وزخرفتها من جديد والتي يعهد لها في الوقت الراهن مهمة تطريز وتزيين شموع الموكب، بعدما تعاقبت على صناعة هذه الشموع عدة عائلات كعائلة أوبيا، التي ظهرت منذ 450 سنة، وعائلات المير والحسيني والمرنيسي وبعدهم عائلة شقرون التي ابتعدت عن هذه الحرفة.
وتختلف شموع موسم مولاي عبد الله بن حسون عن الشموع العادية الخاصة بالإنارة، باعتبار صنع هياكلها من خشب سميك على شكل مآذن المساجد مكسو بالورق الأبيض والمزين بأزهار الشمع ذات الألوان المتنوعة من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر في شكل هندسي شبيه بشهد النحل يعتمد الفن الإسلامي البديع، يضيف المصدر ذاته.
ويستهل موسم الشموع، الذي ينظم تحت رعاية الملك محمد السادس، باستعراض موكب الشموع الذي يجوب بعض شوارع سلا في اتجاه ضريح مولاي عبد الله بن حسون، ويليه حفل تقليدي أصيل “رقصة الشمعة” على نغمات الموسيقى الأندلسية ليلا، ثم تليه عملية إيقاد الشموع على نغمات “المسموع.”
ويفتتح الموسم، بعد صلاة عصر اليوم الذي يسبق العيد، فيجتمع الموكب قرب مقر صانع الشموع ويكون في مقدمته نقيب الزاوية الحسونية ثم “الطبجية” بزيهم التقليدي وهم يطوفون في أزقة المدينة حاملين الشموع وتصحبهم أجواق الموسيقى من فرق صوفية وفلكلورية.
ويجوب الموكب أهم شوارع المدينة مرورا بساحة الشهداء (باب بوحاجة) حيث المنصة الرسمية، ليواصل طريقه إلى دار الشرفاء لتنظيم حفل تقليدي يلقى إقبالا كبيرا، ولاسيما من لدن النساء والأطفال.
ولا يعني انتهاء استعراض موكب الشموع اختتام الموسم، إذ أوضح التقرير أن “بعد الطواف تقام مأدبة عشاء يدعى لها جميع المشاركين بدار الشرفاء من نساء وأطفال، ليلتحق الجميع بزاوية مولاي عبد الله بن حسون، لمتابعة رقصة الشمعة على نغمات الموسيقى الأندلسية وتنشد إثر ذلك أمداح نبوية”.
مملكتنا.م.ش.س/و.م.ع