الإستراتيجية الأمنية الاستباقية لمواجهة خطر الإرهاب كانت ناجحة بالمغرب

الجمعة 18 مايو 2018 - 14:31

  الإستراتيجية الأمنية الاستباقية لمواجهة خطر الإرهاب كانت ناجحة بالمغرب

سعيد الكحل باحث في شؤون الجماعات الإسلامية

في مثل هذه الأيام من سنة 2003، شرعت الشرطة في إيقاف مئات المشتبه في تبنيهم أفكارا متطرفة، بعد التفجيرات الإرهابية التي استهدفت أربعة أماكن بمدينة الدار البيضاء، مساء يوم الجمعة 16 ماي من السنة نفسها، وهو اليوم الذي يخلّد فيه المغرب ذكرى تأسيس الأمن الوطني.

زُجَّ بعدد من رموز “السلفية الجهادية” في السجن، وحُكم على أغلبهم بعقوبات ثقيلة، ودفعت التفجيرات الإرهابية ماسكي زمام الأمور في البلد إلى مراجعة أوراق المملكة فيما يتعلق بتدبير الشأن الديني، حيث أعلن عن وضع مشروع لإصلاح جذري للحقل الديني.

مَضت اليوم 15 سنة كاملة على تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية. خلال هذه المدّة، أعلن عدد من رموز “السلفية الجهادية”، الذين اعتقلوا إبان تلك التفجيرات، عن “توبتهم” وغادروا السجن بعفو ملكي، وتحوّل الحقل الديني إلى ورْش مفتوح للإصلاح؛ لكنّ الإرهاب ما زال يُطلّ برأسه، بين فينة وأخرى، عبر خلاياه النائمة، مُعلنا أنه ما زال متربصا بأمن واستقرار المملكة.

منذ تفجيرات 16 مايو الإرهابية، التي خلفت عشرات الضحايا من قتلة وجرحى، لجأ المغرب إلى نهج سياسة استباقية للتعاطي مع الخلايا الإرهابية، بتفكيكها قبل بلوغ المراحل النهائية لمخططاتها.

هذه السياسة أعطت ثمارها، حسب سعيد الكحل، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية.

“الإستراتيجية الأمنية الاستباقية لمواجهة خطر الإرهاب كانت ناجحة، وقد مكّنت من تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية، وحَمتْ أمن المملكة”، يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية الذي أشار إلى أنَّ ما يدل على نجاح هذه الاستراتيجية لا يتمثل فقط في كونها نجحت في تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية؛ بل إنَّ عددا من الدول المتقدمة أصبحت تطلب مساعدة المغرب في هذا المجال.

وإذا كانت المقاربة الأمنية التي نهجها المغرب لمواجهة الإرهاب قد أعطتْ ثمارها، فإنَّ الإستراتيجية التي وضعها المغرب لمواجهة هذا الخطر تشوبه ثغرات، في أبعاد أخرى، مثل البُعد الاجتماعي، وكذا الديني، حسب الكحل، معتبرا أنّ المغرب لا يتوفر على مقاربة واضحة لمعاجلة هذين البُعدين.

وبالرغم من أنَّ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد وضعت مشروعا لإصلاح الحقل الديني، فإنّ هذا المشروع، يقول الكحل، تمّ تفعيله فقط على المستوى الإداري؛ في حين أنّه لا يزال يشوبه قُصور على مستوى التطبيق، مسجّلا استمرار ترويج الخطاب المتطرّف في المملكة، حتى على مستوى المؤسسات الدينية الرسمية.

وفي هذا الإطار، أشار الكحل إلى الفتوى التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى حول قتل المرتدّ عام 2012، والتي اعتبر فيها أنّ المرتد عن الإسلام كافر ويجب إقامة حدّ الردة عليه (القتل)، قبل أن يتراجع المجلس عن هذه الفتوى المثيرة للجدل سنة 2017.

وتساءل الكحل “إذا كان هذا الخطاب التكفيري صادرا عن مؤسسة دينية رسمية، فلنا أن نتخيل ماذا يمكن أن يصدر عن الدعاة الذين لديهم أفكار متطرفة؟”، معتبرا أنّ الحلّ للقطع مع الخطاب المتطرف “هو تجريمه، وتشديد العقوبات المفروضة على مروّجي هذا الخطاب”.

وبالرغم من أنَّ المغرب وضعَ قوانين مشدّدة لمواجهة الإرهاب، فإنَّ الكيحل يرى أن الدولة ما زالت تتساهل مع مروجي الفكر التكفيري، لافتا إلى الحُكم الصادر عن “أبو النعيم”، الذي كفّر عددا من رموز الثقافة والفكر، وحتى المؤسسات، حيث لم تتعدّ العقوبة التي حُكم بها عليه شهرَ حبس موقوف التنفيذ وغرامة ألف درهم، وهي عقوبة اعتبرها الكيحل “تشجيعا لأبي النعيم في الاستمرار في ترويج الخطاب التكفيري”.

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية شدد على أنّ الدولة يجب أن تتعامل بأقصى درجات الصرامة مع مروّجي الخطاب التكفيري، داعيا إلى عزل الخطباء المنتمين إلى تيارات متطرفة وإعادة تكوينهم، حتى يكونوا مؤهلين لخطاب ديني قائم على الوسطية والاعتدال.

كما شدد الكيحل على أنَّ محاربة الخطاب التكفيري والمتطرف تقتضي إصلاح البرامج التعليمية، ومنها التعليم العتيق، “الذي يجب أن يكون ما يُدرّس فيه للطلبة متناغما مع ما تنص عليه مبادئ حقوق الإنسان”، يقول الكحل، مبرزا أنّ “الفكر الفقهي يجب أنْسَنتُه؛ لأن الفقه جاء لخدمة الإنسان لا لتدميره”.

مملكتنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.م.ش.س/هسبريس

مقالات ذات صلة

الخميس 28 مارس 2024 - 15:08

سطات .. إفطار جماعي لفائدة النزيلات والنزلاء الأحداث بسجن علي مومن

الأربعاء 27 مارس 2024 - 11:50

المركز الطبي للقرب-مؤسسة محمد الخامس للتضامن بليساسفة سيقدم خدمات طبية لفائدة 170 ألف شخصا (مسؤولة)

الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:18

برنامج الوحدات الطبية المتنقلة- مؤسسة محمد الخامس للتضامن .. مقاربة نوعية تروم التصدي لمشكل بعد الخدمات الطبية (مسؤول)

الثلاثاء 26 مارس 2024 - 13:15

التبرع بالدم .. فعل من أجل الحياة يكتسي أهمية خاصة خلال شهر رمضان